سورة الأحزاب - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأحزاب)


        


قوله تعالى: {يا أيُّها النبيُّ قل لأزواجك...} الآية، سبب نزولها أن الفُسَّاق كانوا يؤذون النساء إِذا خرجن بالليل، فاذا رأوا المرأة عليها قناع تركوها وقالوا: هذه حُرَّة، وإِذا رأوها بغير قناع قالوا: أَمَة، فآذَوها، فنزلت هذه الآية، قاله السدي.
قوله تعالى: {يُدْنِينَ عليهنَّ من جلابيبهنَّ} قال ابن قتيبة: يَلْبَسْنَ الأرْدية. وقال غيره: يغطِّين رؤوسهنّ ووجوهن ليُعلَم أنهنَّ حرائر {ذلك أدنى} أي: أحرى وأقرب {أن يُعْرَفْنَ} أنهنَّ حرائر {فلا يؤذَين}.
قوله تعالى: {لئن لم ينته المنافقون} أي: عن نفاقهم {والذين في قلوبهم مرض} أي: فجور: وهم الزناة {والمُرْجِفون في المدينة} بالكذب والباطل، يقولون: أتاكم العدوّ، وقُتلت سراياكم وهُزمت {لَنُغْريَنَّك بهم} أي: لَنُسلِّطنَّك عليهم بأن نأمرك بقتالهم. قال المفسرون: وقد أُغري بهم، فقيل له: {جاهد الكفار والمنافقين} [التوبة: 73، التحريم: 9]، وقال يوم الجمعة «اخرج يا فلان من المسجد فانك منافق، قم يا فلان فانك منافق» {ثم لا يجاورونك فيها} أي: في المدينة {إِلاَّ قليلاً} حتى يهلكوا، {ملعونين} منصوب على الحال؛ أي: لا يجاورونك إِلاَّ وهم ملعونون {أينما ثُقِفوا} أي: وُجِدوا وأُدركوا {أُخذوا وقُتِّلوا تقتيلاً} معنى الكلام: الأمر، أي: هذا الحكم فيهم، {سُنَّةَ الله} أي: سنَّ في الذين ينافقون الأنبياء ويُرجِفون بهم أن يُفعل بهم هذا.


قوله تعالى: {يسألُكَ النَّاسُ عن الساعة} قال عروة: الذي سأله عنها عُتبة بن ربيعة.
قوله تعالى: {وما يُدريك} أي: أيّ شيء يُعْلِمك أمر الساعة ومتى تكون؟ والمعنى: أنت لا تعرف ذلك؛ ثم قال: {لعلَّ الساعة تكون قريباً}.
فإن قيل: هلاَّ قال: قريبة؟ فعنه ثلاثة أجوبة.
أحدها: أنه أراد الظَّرف، ولو أراد صفة الساعة بعينها، لقال: قريبة، هذا قول أبي عبيدة.
والثاني: أن المعنى راجع إِلى البعث، أو إِلى مجيء الساعة.
والثالث: أن تأنيث الساعة غير حقيقي، ذكرهما الزجاج. وما بعد هذا قد سبق بيان ألفاظه [البقرة: 159، النساء: 10، الاسراء: 97].
فأما قوله: {وأطعنا الرسول} فقال الزجاج: الاختيار الوقف بألف، لأن أواخر الآي وفواصلها تجري مجرى أواخر الأبيات، وإِنما خوطبوا بما يعقلونه من الكلام المؤلَّف ليدلّ بالوقف بزيادة الحرف أن الكلام قد تمّ؛ وقد أشرنا إِلى هذا في قوله: {الظنُّونا} [الأحزاب: 1].
قوله تعالى: {أطعنا سادتنا وكُبَراءنا} أي: أشرافنا وعظماءنا. قال مقاتل: هم المُطْعِمون في غزوة بدر. وكلُّهم قرأوا: {سادتَنا} على التوحيد، غير ابن عامر، فانه قرأ: {سادتِنا} على الجمع مع كسر التاء، ووافقه المفضَّل، ويعقوب، إِلا أبا حاتم {فأضلونا السبيل} أي: عن سبيل الهدى، {ربَّنا آتهم} يعنون السادة {ضِعفين} أي: ضعفي عذابنا، {والعنهم لعناً كبيراً} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبوعمرو، وحمزة، والكسائي: {كثيراً} بالثاء. وقرأ عاصم، وابن عامر: {كبيراً} بالباء. وقال أبو علي: الكثرة أشبه بالمِرار المتكررة من الكِبَر.


قوله تعالى: {لا تكونوا كالذين آذَوا موسى} أي: لا تؤذوا محمداً كما آذى بنو إِسرائيل موسى فينزل بكم ما نزل بهم. وفي ما آذَوا به موسى أربعة أقوال.
أحدها: أنهم قالوا: هو آدَر، فذهب يوماً يغتسل، ووضع ثوبه على حجرٍ، ففرَّ الحجر بثوبه، فخرج في طلبه، فرأَوه فقالوا: واللّهِ ما به من بأس. والحديث مشهور في الصحاح كلِّها من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقد ذكرتُه باسناده في المغني والحدائق. قال ابن قتيبة: والآدَر عظيم الخُصيتين.
والثاني: أن موسى صَعِد الجبل ومعه هارون، فمات هارون، فقال بنو إِسرائيل: أنت قتلتَه، فآذَوه بذلك، فأمر اللّهُ تعالى الملائكةَ فحملته حتى مرَّت به على بني إِسرائيل، وتكلَّمت الملائكة بموته حتى عرف بنو إِسرائيل أنه مات، فبرَّأه الله من ذلك، قاله عليّ عليه السلام.
والثالث: أن قارون استأجر بغيّاً لتقذِف موسى بنفسها على ملأٍ من بني إِسرائيل فعصمها الله وبرّأ موسى من ذلك، قاله أبو العالية.
والرابع: أنهم رمَوه بالسِّحر والجنون، حكاه الماوردي.
قوله تعالى: {وكان عِنْدَ الله وجيهاً} قال ابن عباس: كان عند الله حَظيّاً لا يسألُه شيئاً إِلاَّ أعطاه. وقد بيَّنَّا معنى الوجيه في [آل عمران: 45]. وقرأ ابن مسعود، والأعمش، وأبو حيوة: {وكان عَبْداً لِلّهِ} بالتنوين والباء، وكسر اللام.
قوله تعالى: {وقولوا قولاً سديداً} فيه أربعة أقوال.
أحدها: صواباً، قاله ابن عباس.
والثاني: صادقاً، قاله الحسن.
والثالث: عدلاً، قاله السدي.
والرابع: قصداً، قاله ابن قتيبة.
ثم في المراد بهذا القول ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه «لا إِله إِلا الله»، قاله ابن عباس، وعكرمة.
والثاني: أنه العدل في جميع الأقوال والأعمال، قاله قتادة.
والثالث: في شأن زينب وزيد، ولا تنسبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلى ما لا يصلُح، قاله مقاتل بن حيّان.
قوله تعالى: {يُصْلِح لكم أعمالكم} فيه قولان:
أحدهما: يتقبَّل حسناتكم، قاله ابن عباس.
والثاني: يزكِّي أعمالكم، قاله مقاتل.
قوله تعالى: {فقد فاز فوزاً عظيماً} أي: نال الخير وظَفِر به.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8